تقنية مذهلة تسمح لإمرأة مشلولة بالتحدث من خلال وصل إشارات دماغها إلى صورة أفاتار ناطق
في إنجاز علمي رائد، استعادت امرأة مشلولة قدرتها على الكلام، وذلك بفضل واجهة الدماغ الحاسوبية الرائدة (BCI) التي طورها العلماء في جامعة كاليفورنيا. آن، امرأة تبلغ من العمر 48 عامًا أصيبت بالشلل لمدة 18 عامًا بسبب سكتة دماغية أصيبت بها في سن الثلاثين، يمكنها الآن التواصل من خلال الصورة الرمزية الناطقة التي لا تستنسخ صوتها فحسب، بل تعرض أيضًا تعبيرات الوجه في الوقت الفعلي. . يمثل هذا الابتكار الرائع قفزة هائلة إلى الأمام في مجال تكنولوجيا الاتصالات العصبية، مما يوفر الأمل للأفراد الذين يعانون من ضعف شديد في التواصل.
بدأت رحلة آن لاستعادة صوتها بزراعة مستطيل رفيع من الورق يحتوي على 253 قطبًا كهربائيًا على سطح دماغها. تم وضع مجموعة الأقطاب الكهربائية هذه في مكان استراتيجي لتغطية المنطقة المسؤولة عن الكلام في دماغها. وتضمنت الخطوة الحاسمة التالية تطوير واجهة الدماغ والحاسوب (BCI) التي يمكنها اعتراض وتفسير إشارات دماغها، وتحويلها إلى كلام ذي معنى.
يعمل BCI عن طريق التقاط الإشارات العصبية المرتبطة بأفكار آن في التحدث ونقلها عبر كابل إلى مجموعة من أجهزة الكمبيوتر. يستطيع هذا النظام الرائع فك تشفير هذه الإشارات وتحويلها إلى نص بمعدل مذهل يبلغ 80 كلمة في الدقيقة. لكن الأعجوبة الحقيقية تكمن في قدرة الصورة الرمزية ليس فقط على نقل الكلمات، بل أيضًا التعبير عنها بحركات الوجه التي تحاكي مشاعر الحياة الواقعية.
تدريب الذكاء الاصطناعي للتعرف على الكلام
ولجعل هذا العمل المذهل ممكنًا، عملت آن بشكل وثيق مع فريق من الباحثين لأسابيع، حيث قامت بتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي (AI) للتعرف على إشارات دماغها الفريدة للكلام. تضمنت هذه العملية الشاقة تكرار عبارات مختلفة من مفردات محادثة مكونة من 1024 كلمة. ومن خلال ربط هذه العبارات بأنماط محددة لنشاط الدماغ، تعلم الكمبيوتر تدريجيًا فك رموز الإشارات العصبية التي تمثل الكلمات المنطوقة.
وكان أحد الجوانب المبتكرة لهذا النهج هو التركيز على الفونيمات، وهي أصغر وحدات الصوت في اللغة. وبدلاً من تدريب الذكاء الاصطناعي على التعرف على الكلمات بأكملها، صمم الباحثون نظامًا قادرًا على فك تشفير الكلمات عن طريق تقسيمها إلى المقاطع الصوتية المكونة لها. على سبيل المثال، تتكون كلمة “Hello” من أربعة مقاطع صوتية: “HH”، و”AH”، و”L”، و”OW”. ومن خلال تعليم الذكاء الاصطناعي كيفية التعرف على هذه المقاطع الصوتية، لم يصبح النظام أكثر دقة فحسب، بل أصبح أيضًا أسرع بثلاث مرات.
بالنسبة لتعابير الوجه والعواطف
ما يميز هذه التكنولوجيا هو قدرتها على تكرار ليس فقط الكلام ولكن أيضًا تعبيرات الوجه والعواطف في الوقت الفعلي. الصورة الرمزية للكمبيوتر، مدفوعة بعمليات التعلم الآلي المخصصة، تقلد حركات آن بدقة مذهلة. إنها تكرر حركة الفك، وإيماءات الشفاه، وحركة اللسان، ومجموعة واسعة من تعبيرات الوجه، بما في ذلك السعادة والحزن والمفاجأة. وهذا يعني أن تواصل آن لا يقتصر على الكلمات؛ يمكنها نقل مجموعة كاملة من المشاعر الإنسانية من خلال الصورة الرمزية الخاصة بها.
الطريق إلى الأمام: الاتصالات اللاسلكية
في حين أن النظام الحالي يعد إنجازًا هائلاً، فإن فريق البحث يتطلع بالفعل إلى التطورات المستقبلية. هدفهم هو إنشاء نسخة لاسلكية من التكنولوجيا، وتحرير المستخدمين من الارتباط بأجهزة الكمبيوتر. وهذا من شأنه أن يعزز بشكل كبير التطبيق العملي وإمكانية الوصول إلى BCI، مما يجعلها أكثر سلاسة وسهولة في الاستخدام.
تمثل قصة آن انتصارًا رائعًا للعلم والتكنولوجيا على الشدائد. إن قدرتها على التحدث مرة أخرى، والتعبير عن المشاعر، والانخراط في محادثات طبيعية من خلال الصورة الرمزية الناطقة توضح الإمكانات الهائلة لتكنولوجيا الاتصال العصبي. إنها لا تحمل وعدًا لأفراد مثل آن فحسب، بل تفتح أيضًا الأبواب أمام عدد لا يحصى من الآخرين الذين يواجهون تحديات التواصل بسبب الشلل أو اضطرابات الكلام.
يلخص الدكتور إدوارد تشانغ، رئيس قسم جراحة الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أهمية هذا الإنجاز: “هدفنا هو استعادة طريقة كاملة ومجسدة للتواصل، وهي في الواقع الطريقة الأكثر طبيعية بالنسبة لنا للتحدث مع الآخرين. هذه التطورات تقربنا كثيرًا من جعل هذا حلاً حقيقيًا للمرضى.”
البحث المنشور في مجلة نيتشر العلمية Nature لا يؤكد من جديد الإمكانات اللامحدودة للعلم فحسب، بل يعد أيضًا بمثابة منارة أمل لأولئك الذين فقدوا أصواتهم بسبب حالات عصبية. ومع استمرار الابتكار والتفاني، يحمل المستقبل وعدًا باستعادة التواصل والاستقلالية للأفراد الذين شعروا ذات يوم بالعزلة بسبب ظروفهم.
المصدر: www.goodnewsnetwork.org
الصورة بفضل: UCSF via SWNS