التمارين الرياضية يمكن أن تكون إكسيرًا لتحسين صحة الدماغ في الثمانينيات والتسعينيات من العمر
في عالم تتزايد فيه شيخوخة الإنسان بسرعة، أصبح الحفاظ على الصحة المعرفية مصدر قلق بالغ. يشكل التدهور المعرفي، بما في ذلك الاضطرابات مثل مرض الزهايمر، تحديًا كبيرًا لرفاهية ونوعية الحياة لدى كبار السن. سلطت دراسة حديثة نشرت في مجلة GeroScience الضوء على نهج واعد لمواجهة التدهور المعرفي لدى كبار السن – وهو نظام تمارين متنوع يجمع بين الأنشطة الهوائية وتدريبات القوة. تتعمق هذه المقالة في نتائج الدراسة، وآثارها على كبار السن، والاتجاهات المستقبلية المحتملة للبحث في هذا المجال.
قامت الدراسة، التي أجراها باحثون بالتعاون مع مؤسسة McKnight Brain Research Foundation، بفحص 184 فردًا يتمتعون بصحة معرفية تتراوح أعمارهم بين 85 و99 عامًا. أبلغ المشاركون عن عاداتهم الرياضية وخضعوا لمجموعة من الاختبارات النفسية العصبية المصممة لتقييم جوانب مختلفة من الوظيفة الإدراكية.
وكانت النتيجة الأولية للدراسة هي أن كبار السن الذين شاركوا في كل من الأنشطة الهوائية (مثل السباحة وركوب الدراجات) وتمارين تدريب القوة (مثل رفع الأثقال) تفوقوا على نظرائهم المستقرين وأولئك الذين شاركوا فقط في التمارين الرياضية. كان هذا التحسن في الوظيفة الإدراكية واضحًا عبر عدة أبعاد:
1. الرشاقة العقلية: أظهر المشاركون في مجموعة التمرينات المختلطة خفة حركة ذهنية أعلى، مما مكنهم من معالجة المعلومات بسرعة وفعالية أكبر.
2. التفكير السريع: أظهر كبار السن الذين شاركوا في كلا النوعين من التمارين قدرات تفكير سريعة معززة، مما سمح لهم بالاستجابة للتحديات والمحفزات بشكل أسرع.
3. التفكير التكيفي: أظهرت مجموعة التمرينات المختلطة مرونة معرفية أكبر، مما يمكّن الأفراد من تغيير وتكييف تفكيرهم استجابة للظروف المتغيرة.
استخدم الباحثون تقييم مونتريال المعرفي، وهو أداة فحص معرفية معترف بها على نطاق واسع، لتقييم الأداء المعرفي. حتى بعد التحكم في متغيرات مثل التعليم ومدة التمرينات العامة وكثافتها، سجل الأفراد الذين شاركوا في مزيج من التدريبات الهوائية وتمارين القوة درجات أعلى في هذه التقييمات. علاوة على ذلك، امتدت الفوائد لتشمل أنشطة معرفية محددة، مثل تشفير الرموز، بما يتجاوز نتائج الفحص.
الآثار المترتبة على كبار السن
هذه النتائج لها آثار عميقة على كبار السن، خاصة بالنظر إلى الانتشار المتزايد للاضطرابات المعرفية بين كبار السن. يتحدى البحث الصورة النمطية القائلة بأن الخمول البدني والشيخوخة رفيقان لا ينفصلان. في الواقع، كان ما يقرب من 70% من المشاركين في الدراسة يمارسون بالفعل شكلاً من أشكال التمارين البدنية قبل الانضمام إلى الدراسة، مما يؤكد على قدرة كبار السن على الحفاظ على نمط حياة نشط.
توفر الدراسة قاعدة أدلة قوية لمقدمي الرعاية الصحية للتوصية بنظام تمارين متنوع يشمل التمارين الهوائية وتمارين القوة لمرضاهم الأكبر سناً. وأظهرت الأبحاث السابقة أن تباطؤ التدهور المعرفي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض تكاليف الرعاية الصحية وتحسين نوعية الحياة لكبار السن.
التطلع قدما
في حين أن هذه الدراسة تمثل خطوة هامة إلى الأمام في فهم العلاقة بين ممارسة الرياضة والصحة المعرفية لدى كبار السن، لا تزال هناك عدة أسئلة تحتاج إلى إجابة:
ما هي أنواع التمارين المثالية: تهدف الأبحاث المستقبلية إلى تحديد التمارين الهوائية وتمارين القوة المحددة التي توفر الفوائد المعرفية الأكثر أهمية. هل المشي له نفس فوائد الركض؟ هل هناك فرق في تأثير رفع الأثقال مقابل استخدام أشرطة المقاومة؟
ما هي مدة التمرين المثالية: يحرص الباحثون على تحديد الحد الأدنى من التمارين المطلوبة لتحقيق فوائد معرفية ملحوظة. يمكن لهذه المعلومات أن توجه كبار السن في تصميم إجراءات تمارينهم لتحقيق أقصى قدر من المكاسب المعرفية.
فوائد التمرين كعلاج: تشير الدراسة إلى أن النشاط البدني يمكن أن يكون بمثابة إجراء وقائي ضد التدهور المعرفي. ومع ذلك، يستكشف الباحثون أيضًا إمكانية ممارسة التمارين الرياضية كعلاج فعال للاضطرابات المعرفية العصبية لدى كبار السن. يفتح هذا الاحتمال الرائد أبوابًا جديدة لتعزيز الوظيفة الإدراكية لدى كبار السن.
ختاماً، تقدم نتائج الدراسة بصيص أمل لشيخوخة أكثر صحة وتوفر مخططًا عمليًا لكبار السن للحفاظ على صحتهم المعرفية أو حتى تعزيزها في سنواتهم اللاحقة. مع استمرار نمو أعداد المسنين، لا يمكن المبالغة في أهمية التدابير الاستباقية للحفاظ على الوظيفة الإدراكية. إن الانخراط في نظام تمرين متوازن يتضمن كلاً من التمارين الهوائية وتمارين القوة يظهر كاستراتيجية واعدة لتحقيق هذا الهدف. ومع تقدم الأبحاث في هذا المجال، فإنها تعد بفتح إمكانيات جديدة لكبار السن ليعيشوا حياة مُرضية طوال حياتهم بأكملها.
المصدر: theconversation.com
الصور من عمل: Freepik